تباينت ردود فعل الناس بعد عرض الفيلم المسيئ للرسول،
فمنهم من استنكر قولا ومنهم من اخذ موقفا ومنهم من قام بافعال تتسم بالعنف والقتل
والحرق ، ومع عدم قبولنا للعنف الذي ساير
الاحتجاجات على الفيلم المسيئ للرسول
والتعرض بقتل السفراء المستأمنين ودخول السفارات او التعرض لها، الا اننا نتسائل
هل هناك ايجابيات للعنف ؟
انا مؤمن بأن افضل طريقة في الذود عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم هي اتباع سنته والسير على خطاه
ونشر سيرته لمن لا يعرفونه بالخطاب السلس والمجادلة الفقهية باللغة التي
يفهمونها ومن واقع كتبهم ومعتقداتهم الدينية ، وباتخاذ المواقف وايصال الرسالة
الحوار وبالجدل كما فعل عم النبي ابو
طالب حينما رد اعلى اساءة قريش للرسول
بموقف يشبه الموقف السياسي الحازم وموقف اخر جدالي حواري رافضاً التعرض للنبي صلى الله عليه وسلم، فأنشد شعراً
يقول :
ولما رأيت القوم لا ود فيهمُ--- وقد قطعوا كل العُرى
والوسائل
وقدصارحونا بالعداوة والاذى --- وقد طاوعوا امر العدو
المزايل
صبرت لهم نفسي بسمراء سمجةٍ ---وأبيض عضبٍ من تراث
المقاولِ
وأحضرت عند البيت رهطي وأخوتي--- وأمسكت من أثوابه
بالوصائلِ
اعوذ برب الناسِ من كل طاعنٍ---- علينا بسوء أو مُلحّ
بباطلِ
كذبتم وبيت الله نبزى محمداً --- ولما نطاعِن دونه
ونناضل
ونسلمه حتى نُصرع حوله---- ونذهلَ عن ابنائنا والحلائلِ
فاصبح فينا احمدٌ ذو ارومة --- يقصر عنها سورة المتطاول
حدبت بنفسي دونه وفديته ---- ودافعت عنه بالذرا والكلاكل
جزى الله عنا عبد شمس ونوفلاً --- عوبة شر عاجلاً غير
آجل
وسار على هذا نهج الحواري الجدلي الكثير من الدعاة الذين
واجهوا الاساءات بالحوار لا بالعنف ففي العصر الحديث لنا امثلة في المرحوم الشيخ
الداعية/ احمد ديدات في مناظراته والشيخ الداعية/ الدكتور ذاكر نايك وغيرهم ممن
الدعاة الين يوصلون صوت الحق ويردون على الاساءة بالحوار.
ولكن هناك جانب اخر يرى ان العنف والحزم في الرد يوصل رسالة
هامة وواضحة المعالم تعطي نتائج ايجابية يرى اثره في ردود فعل اولئك المسيؤون.
فها هو عم الرسول صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبدالمطلب رضي
الله عنه، يوجه رسالة بكل حزم وعنف لكفار قريش
باستخدام القوة والعنف في ردة فعله على ما قام به عمرو بن هشام
(ابوجهل) اقوى ساداة قريش عندما سمع عن اهانة ابا جهل وشتمه للرسول صلى الله عليه
وسلم، حيث توجه حمز بن عبدالمطلب الى نادي
قريش وضرب ابوجهل بقوسه على وجهه امام اعين الكفار "وشجه شجةً منكرة ثم قال:
اتشتمه، فأنا على دينه اقول ما يقول، فرد
علي ذلك ان استطعت" . فلم يرد اباجهل بشيئ سوى ان اعترف بقبح ما قام به.
واليوم نرى اثر
العنف على ردة فعل الاشخاص الذين قاموا بهذا العمل المسيئ للرسول صلى الله عليه
وسلم وردة الفعل السياسية للدولة التى تم على ارضها العمل، وردة فعل الغرب بشكل
عام والمنظمات الدولية، فهاهم الممثلين
الذين ادوا ادوارا في الفيلم المسيئ يقولون انهم كانوا ضحية وان تمثيلهم وادائهم
تم تحويره والبس عليهم وان ما قاموا به يختلف
عن سيناريو وقصة الفيلم المسيئ بما فيه من نص وحوار الذي تمت اضافته باصوات غير
اصوات الممثلين، وها هو مخرج الفيلم يختفي عن الانظارهربا وخوفا وها هو منتجه الذي
تتم مسائلته من قبل الحكومة الامريكية، وها هي وزيرة الخارجية الامريكية تؤكد على
احترم الدين الاسلامي وعدم قبول الفيلم وها هو الامين العام للامم المتحدة بان كي
مون يصرح بعدم قبوله للاساءة للدين.
ان ردة الفعل بالعنف كانت لها سلبياتها الكثيرة، الا
انها- ومع تأكيدنا على عدم قبولها - وجهت رسالة للعالم بان هناك خطوط حمراء لدى
المسلمين يجب التفكير جيدا قبل تعديها، وهناك رموز لا يقبل مجرد التفكير بالمساس
بها.
العنف غير مقبول ونتائجه غير حميدة وخروج الناس عن
السيطرة على ردود افعالهم بالقتل والحرق واتيان افعال لا تقبل شرعا وعرفا وقانونا
امر منافي للشرع والاخلاق والدين والقانون الدولي، ويستخدم ويستغل استخداما ممنهج
من قبل البعض لسبق معرفتهم بردود الفعل، الا ان البعض يرى ان ردة الفعل العنيفة قد
ادت دورا ايجابيا في ايصال صوت قوي يحذر
من المساس بالدين ورموزه، وذلك يعيدنا الى تساؤلنا الذي بدانا به، هل هناك
ايجابيات لهذا العنف ؟؟؟
علي الهاشمي